حول مضارة تبغى مشهد مونولوج في فصل واحد للأديب الروسي أنطون شيخوف يقع هذا النص ضمن مجلد المسرحة وهو المجلد الرابع للأعمال المختارة للمؤلفة الكتاب هو الطبع الأولى الصادر عام 2009 غندار الشروق القاهرة شخصيات المسرحية إيفان إيفانوفيتش نيوخين زوج ملاحظة نيوخين هو اسم اشتقه الكاتب من باب الفكاهة من فعل نيوخات ويعني في الروسية شمام ويمكن أن يقابله في العربية شمام زوجته وهي صاحبة مدرسة موسيقية وبانسيون حريمي المسرح وهو منصة حفلات في أحد النواد الريفية النص نيوخين بسوالف طويلة بدون شوارب وفي حلة فراك قديمة باليا يدخل في عظمة ينحني محيّن وهو يسوي صدريّة سادة الكرام وسيدات الكريمات أعلى نحو ما يمشي الصوالفة اللي قد عرضت علي زوجتي أن أقرأ محاضرة هنا لغرض خيري أحسنا فلتكن إذن محاضرة فالأمر بالنسبة لي سيانة تماما أنا بالطبع لست أستابا وبعيد عن الألقاب العلمية إلا أنني رغم ذلك وعلى امتداد ثلاثين عاما دون انقطاع ويمكن القول معرضا صحتي للضرر وخلافة أعمل في قضايا ذات طابعا علميا بحت أعمل الفكر بل وحتى أكتب أحيانا تصورا مقالات علمية ولا أعني علمية تماما ولكن وأرجو المعذرة على هذا التعبير وهكذا شبيهة بالعلمية وبالمناسبة كتبت منذ أيام مقالة هائلة بعنوان حول مضار بعض الحشرات وقد حازت إعجاب بناتي الشديد وخاصة ما كتبته عن البق أما أنا فقرأتها ثم مزقتها فعلى أي حال ومهما كنت فلا غنى عن المسحوق الفارسي البق عندنا معشش حتى في البيانو لقد اخترت لمحاضرة اليوم موضوع يعني الضرر الذي يعود على البشرية من طعاط التبغ أنا شخصيا أدخن ولكن زوجتي أمرتني أن أقرأ اليوم محاضرة عن مطار التبغ وعليه فلا معنى هنا للجدل مادام يريدون عن التبغ فليكن عن التبغ الأمر بالنسبة لي سيانة تماما أما أنتم السادة الكرام فأقترح عليكم أن تنظروا إلى محاضرة هذه بالجدية اللازمة وإلا فقد يحدث ما لا تحمد عقباه أو من يخاف من المحاضرة العلمية الجافة ومن لا تعجبها فبإمكانه أن لا يستمع عليها وأن يخرج يسوي صدريتا وأرجو اهتماما خاصا من السادة الأطباء الحاضرين هنا الذين يمكنهم أن يستقوا من محاضرة الكثير من المعلومات المفيدة لأن التبغ إلى جانب مفعولها الضار يستخدم أيضا في الطب فعلى سبيل المثال لو وضعتم ذبابة في علبة فسوف تنفق في الغالب بسبب اضطراب الأعصاب إن الطباق هو بالدرجة الأساسية نبات عندما ألقي مخاضرة أغمز عادة بعيني اليمنى فلات القبالا فهذا بسبب إنني شخص عصبي جدا بالصفة العامة بدأت أغمز بعيني عام 1889 في 13 من سبتمبر في نفس اليوم الذي ولدت فيه لزوجتي على نحو ما الابن الرابع فرفارة كل بناتي ولدنا بتاريخ 13 وعموما ينظر إلى ساعة، ونظراً لضيق الوقت، دعونا لنبتعد عن موضوع المحاضرة ينبغي أن أذكر لكم أن زوجتي تملك مدرسة موسيقية وبانسيون خاصة ولا أقصد أنه بانسيون يعني بل هكذا شيء من هذا القبيل وبيني وبينكم زوجتي تهوى التشكي من ضيق الحال ولكنها تخفي بعض المال، حوالي 40 أو 50 ألفاً أما أنا فلا أملك كوبيكا واحداً، ليس عندي قرش ولكن ما جدوى الكلام أنا أعمل في ذلك البنسيون مشرفا على الشؤون المعيشية أشتري التموين وأفتش على الخدم وأسجل المصروفات وأصنع من الأوراق دفاتر وأكافح البق وأفسح كلمة زوجتي وأصطاد الفئران ومساء الأمس كان من واجباتي أن أصرف للطاهية الدقيقة والزيت إذ كان من المقرر أعداد شطائر حسنا وباختصار جاءت زوجتي اليوم إلى المطبخ بعد أن أعدت الشطائر لتقول لي إن ثلاثة من المربيات لن يأكل للشطائر لأن اللوز عندهن محتقنة وهكذا اتضح أننا أعددنا عدة شطائر زيادة فهل أخبرتموني ماذا نفعل بها؟ في البداية زوجتي أمرت بحملها إلى القبو وبعد أن فكرت قالت كل أنت هذه الشطائر أيها الفزاعة وهي تسمين الفزاعة أو إبليس أو الشيطان عندما تكون معتلة المزاج فأي شيطان أنا وهي دائما معتلة المزاج لم أكلها، بل ازدرتها دون مضغ لأنني دائماً جاءة بالأمس مثلاً لم تقدم للغداء وقالت لا داعي لإطعامك أيها الفزاعة ولكن مهلاً، ينظر إلى ساعة لقد أخذتنا ثرثرة وابتعدنا قليلاً عن الموضوع دعونا نواصل رغم أنكم تفضلون بالطبع لو استمعتم إلى أغنية عاطفية أو إلى سيمفونية يعني هكذا أو دور في آبرا يغني في غمار الحرب لم يطرف لنا جفن لم أعد أذكر من أين هذا المقطع وعلى فكرة لقد نسيت أن أقول لكم أنني في المدرسة الموسيقية التابعة لزوجتي وبالإضافة إلى الإشراف على الشؤون المعيشية مكلف أيضا بتدريس رياضي والفيزياء والكيمياء والتاريخ والصولفاج والأدب وخلافة وزوجتي تتقاضى أجرا خاصا مقابل دروس الرقص والغناء والرسم رغم أنني أنا الذي أدرس الرقص والغناء أيضا ومدرستنا الموسيقية تقع في حارة بيتي سوباتشي في المنزل رقم 13 ويبدو أن السبب في فشر حياتي يعود إلى أننا نعيش في المنزل رقم 13 وبناتي ولدنا في تاريخ 13 وردينا في منزلنا ثلاثة عشر قطة وما جدوى الكلام ويمكنكم أن تجدوا زوجتي في البيت في أي وقت للاتفاق معها أما برنامج المدرسة إذا رغبتم في الحصول عليه فيباعلد البواب بثلاثين كوبكا للنسخة يخرج من جيبه عدة نشرات وإذا رغبتم فبوصي أن أتقاسمها معكم النسخة بثلاثين كوبكا من يرغب؟ فترة صمت لا أحد يرغب؟ حسناً بعشرين كوبكا فترة صمت شيء محزن نعم إنه المنزل رقم ثلاثة عشر لا أوفق في عمل شيء كبرت وتبلت ها أنا ذا ألقي محاضرة وأبدو مرحن بينما أود لو أصرخ بملء الصوت أو أطير إلى مكان ما في آخر الدنيا وليس هناك من أشكو إلي أود حتى أن أبكي وربما قلتم والبنات ما لهن البنات أنا أخاطبهن أما هن فيضحكن لدى زوجتي سبع بنات كلا، عفوا، أظن ست بنات بحيوية يقول سبع، الكبرى هنا أنا في السابعة والعشرين والصغرى في السابعة عشر سادتي الكرام يتلفت إنني إنسان تعيس تحولت إلى أحمق، إلى شخص حقير أما في الواقع فترون أمامكم أسعد أب في الدنيا وهذا في الواقع ما ينبغي أن يكون وأنا لا أجرؤ أن أقول شيئا مخالفا آه لو كنتم تعلمون لقد عشت مع زوجتي 33 سنة وبوسع أن أقول إنها كانت أسعد سنوات حياتي ليس أسعدها بالضبط ولكن بشكل عام مرت يعني باختصار وكأنها لحظة سعيدة عليها اللعنة في واقع الأمر يتلفت ولكنها كما أظن لم تأتي بعد إنها ليست هنا ويمكنني أن أقول ما أشاء إنني خائف جدا أخاف عندما تنظر إلي نعم إذن أقول إن بناتي بقينا طويلا بلا زواج ربما لأنهن خجولات ولأن الرجال لا يرونهن أبدا زوجتي لا تريد إقام السهرات ولا تدعو أحدا لتناول الغداء إنها سيدة بخيلة للغاية وعبوس ومتدمرة ولذلك لا يزورنا أحد ولكن يمكنني أن أبوح لكم بسر يقترب من مقدمة الخشبة يمكن رؤية بنات زوجتي في الأعياد الكبيرة لدى خالتهن ناتاليا سيمونافنا تلك التي تعاني من الروماتازم وتصير مرتدية ثوبا أصفر ببقعا سوداء وكأنما نثرت عليها صراصير هناك يقدمون المقابلات وعندما لا تكون زوجتي هناك يمكن تناول اللا... اللا... ينقر بأصبعه على عنقه ينبغي أن أشير إلى أنني أثمل من أول كأس وعندها أحس براحة نفسية وفي الوقت نفسه أشعر بالحزن لدرجة يصعب وصفها ولسبب ما أتذكر سنوات الصباح وأرغب لسبب ما في الفرار آه لو تعلمون كم أرغب باندفاع يقول الفرار ترك كل شيء والفرار بلا رجعة إلى أين؟ لا يهم إلى أين المهم الفرار من هذه الحياة الحقيرة الوضيعة التافهة التي جعلت مني عجوزاً بائساً أحمق عجوزاً بائساً أبله الفرار من هذه المقترة الحمقاء التافهة الشريرة الشريرة الشريرة من الزوجة التي عذبتني ثلاثة وثلاثين غاما الفرار من الموسيقى من المطبخ من نقود زوجتي من كل هذه التوافه والوضعات ثم التوقف في مكان بعيد بعيد في حقل مكشوف الوقوف هناك كشجرة كعمود كفزاعة طيور تحت السماء العريضة والتطلع طوال الليل إلى قمر الساكن المنير في الأعلى والنسيان النسيان آه كم أود أن لا أذكر شيئا كم أود أن أنزعني هذا الفراك الحقير الرث الذي لبسته في زفافي منذ 33 عاما ينزعني الفراك والذي ألقي فيه المحاضرات دائما لأغراض خيرية ها كما تستحق يدوس الفراك بحذاء ها كما تستحق أنا عجوز فقير بائس مثل هذه الصدرية بظهرها المستهلك المهترئ يكشف ظهرها لست بحاجة إلى شيء أنا أسمى وأطهر من ذلك وكنت في زمن ما شابا ذكيا درست في الجامعة كنت أعد نفسي إنسانا الآن لم أعد بحاجة إلى شيء لا شيء سوى الراحة سوى الراحة ينظر جانبا ويرتدي الفراق بسرعة وها هي زوجتي تقف خلف الكواليس وصلت ووقفت تنتظرني هناك يتطلع إلى الساعة لقد مر الوقت إذا سألتكم فأرجوكم من فضلكم أخبروها أن المحاضرة كانت وأن الفزاعة أي أنا كان سلوكي لائقا ينظر جانبا ويصعل إنها تتطلع نحوي يرفع صوته وانطلاقا من أن التبغ يحتوي على سم زعاف وهو ما ذكرته لتوي فلا يجوز التدخين بأي حال من الأحوال وأسمح لنفسي بصورة ما أن آمل بأن تعود محاضرتي هذه عن مضار التبغ بالنفعة لقد قلت ما عندي ينحني ويخرج بعظمه انتهت المسرحية القاء صوتي مروع عاصم سلامة