Transcript for:
محاضرة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم

الحمد لله مكرمنا بأكرم خلقه وأشهد أن لا إله إلا الله المتطول على العالمين بفضله وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله الداعي إلى ربه اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولنا نبينا محمدٍ وآله وصحبه يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه أيها المؤمنون إن أحدا من الناس مهما على فضله واتسع علمه وكمل عقله لا يستطيع أن يحيط بمحاسن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أن يستقصي أنواع كماله وألوان جماله صلى الله عليه وسلم بل كلهم عاجز عن التعليم سنقرئك فلا تنسى وتولى تعليمه فقال لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه قال الله عز وجل وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما وإن المقام المذكور في قوله تبارك وتعالى قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي ليدل على موضع الاعتبار في شأن هذا الرسول المختار الذي هيأه ربه وأهله وأعدَّه وأمدَّه في روحه وجسمه وعقله وفهمه وسمعه وبصره وسائر مداركه وجوارحه وجوانحه ووهبه التمكين لتلقِّ الوحي عن رب العالمين والله تبارك وتعالى أمر العباد باتباع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وجعل اتباعه آية محبتهم وجعل اتباعه آية محبتهم لله ورسوله فقال عز وجل قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين وذلك باتباع أقواله وأفعاله وأحواله وتعرف سجاياه الكريمة وأخلاقه العظيمة ليتأسى به ويتبع ولا يخالف عن أمره ولا يبتدع وحق حب النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون فوق محبة النفس والآباء والأبناء والأزواج والعشيرة والتجارة والأموال ولا ريب أن أسباب المحبة ترجع إلى أنواع الجمال والكمال والنوال التي اجتمعت في مجمع صفات الكمال ومحاسن الخصائص التي اجتمعت في مجمع صفات الكمال ومحاسن الخصال صلى الله عليه وسلم من أبدع الله تعالى صورته العظيمة وهيئته الكريمة وطوا فيه أنواع الحسن والبهاء والطهر والنقاء صلى الله عليه وسلم وكلما زادت المعرفة بمحاسن المحبوب زادت المحبة له وبذكر شمائله صلى الله عليه وسلم وسماع أوصافه ونعوته صلى الله عليه وسلم تحيا قلوب المحبين وتطرب أرواحهم وعقولهم ويزداد حبهم ويتحرك اشتياقهم وإن الله تبارك وتعالى خلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في أجمل صورة بشرية وأكمل خلقة آدمية وأجمعت كلمة واصفيه أنه لم ير له مثيل سابق ولا نظير لاحق فقد كان أحسن الناس خلقا وخلقا فلم ير شيء قط قبله ولا بعده أحسن منه ولا مثله صلى الله عليه وسلم فهو أجود الناس صدرا وأصدقهم لهجة وألينهم عريكة وأكرمهم عشرة من رآه بديهة هابه ومن خالطه معرفة أحبه إذا صمت فعليه الوقار وإذا تكلم سمى وعلاه البهاء حلو المنطق كلامه فصل لا نزر ولا هذر كأن منطقه خرزات نظم يتحدر أبهى الناس وأجمله من بعيد وأحسنه من قريب لا تشنأه عين من طول ولا تقتحمه عين من قصر غصن بين غصنين فهو أنظر الناس منظرا وأحسنهم قدا إذا قال استمع لقوله وإذا أمر ابتدر أمره محفود محشود لا عابس ولا مفند صلى الله عليه وسلم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم منير الوجه مشرق المحيا يتلألأ بالنور الباهر والضياء الزاهر والبهاء الظاهر فلو رأيته لرأيت الشمس طالعة فخم مفخم يتلألأ وجهه تلألأ القمر ليلة البدر صلى الله عليه وسلم فوجهه المشرق بالأنوار والفياض بالمعاني والأسرار دليل ساطع وبرهان قاطع على أنه رسول الله حقا وصدقا حتى قال عبد الله بن سلام رضي الله عنه لما تأمل وجهه واستبان طلعته أول مقدمه المدينة عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب صلى الله عليه وسلم وكان عليه الصلاة والسلام أنظف خلق الله بدنا وثوبا وبيتا ومجلسا أبيض مريحا مقصدا كأن عنوقه جيد دمية في صفاء الفضة كأن النور يخرج من فيه استاك عند دخوله وخروجه صلى الله عليه وسلم وكان مع جماله متجملا فكانت له حلة يلبسها للعيدين والجمعة وخرج ذات يوم إلى إخوانه فنظر في كوز من ماء إلى لمته أي شعره وهيئته وقال عليه الصلاة والسلام إن الله جميل يحب الجمال إذا خرج أحدكم إلى إخوانه فليتهيأ في نفسه وكان إذا وفد عليه وفد لبس أحسن ثيابه وأمر أصحابه بذلك ويحث على القصد والتؤدة وحسن السمت والهدي الصالح صلى الله عليه وسلم وأما صوته عليه الصلاة والسلام فكان غاية في الحسن والإسماع حسن النغمة في صحل أي كالبحة في غير حدة وإذا خطب أسمع العواتق في خدورهن وكانت أم هانئ رضي الله عنها تسمع قراءته في جوف الليل عند الكعبة وهي على سريرها كان عليه الصلاة والسلام حلو المنطق حسن الكلام إذا تكلم أخذ بمجامع القلوب وسب الأرواح والعقول ويرى كالنور يخرج من بين ثناياه صلى الله عليه وسلم وكان عليه الصلاة والسلام أفصح الناس لسانا وأوضحهم بيانا أوتي جوامع الكلم وبدائع الحكم وقوارع الزجر وقواطع الأمر والقضايا المحكمة والوصايا المبرمة والمواعظ البالغة والحجج الدامغة والبراهين القاطعة والأدلة الساطعة يتكلم بكلام فصل يفهمه كل من سمعه ولو عده العاد لأحصاه في كلامه ترتيل وترسيل ويكره الثرثرة في الكلام والتشدق به فكانت صلاته قصدا وخطبته قصدا لا يخل ولا يمل إذا خطب توكأ على عصاه فيحمد الله ويثني عليه في كلمات يسيرات خفيفات طيبات مباركات وإذا خطب اشتد غضبه وعلى صوته وحمرت عيناه كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم وإذا وعظ أثر في قلوب السامعين وطيب نفوسهم حتى إنهم لتذرف دموعهم وترق وتخشع قلوبهم وترتقي الحال بهم إلى المشاهدات والمعاينات قال العرباض رضي الله عنه وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا كأن هذه موعظة ودع يا رسول الله فماذا تعهد إلينا قال أن اتقوا الله وأن تتبعوا سنتي وسنة الخلفاء الهادية المهدية من بعدي عضوا عليها بالنواجذ فإن كل بدعة ضلالة ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو أوسع الناس علما وأعظمهم فهما أفاض الله عليه العلوم النافعة الكثيرة والمعارف العالية الوفيرة فهو أعرف الخلق بالله وأتقاهم له بل هو أكثر الأنبياء علما وأشجعهم قلبا وخرج ذات يوم فصعد المنبر فقال سلوني فلا تسألوني عن شيء إلا بينته لكم ومع ذلك كله فقد أمره الله أن يسأله الزيادة في العلم دائما أبدا قال الله عز وجل وقل رب زدني علما وقلب رسول الله صلى الله عليه وسلم هو خير القلوب وأزكاها وأوسعها وأقواها وأتقاها وأنقاها وألينها وأرقها هو القلب الواعي اليقظان الفياض بأنوار الإيمان والقرآن فخير القلوب قلبه الشريف صلى الله عليه وسلم فالله تعالى نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه وابتعثه برسالته ثم نظر في قلوب العباد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم مزراء نبيه صلى الله عليه وسلم يقاتلون عن دينه فما رأاه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما رآه المسلمون سيئا فهو عند الله سيئ وإن قلبا نزل عليه القرآن بأسراره وأنواره وحروفه ومعانيه وروحه وحقائقه لهو أوسع القلوب وأقواها قال الله عز وجل وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين فأفاض من بحر أسرار قلبه الشريف على قلوب أتباعه وشع في مرايا قلوبهم من مشارق أنواره وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور وكان من يقضة قلبه صلى الله عليه وسلم أن كان خلقه القرآن يغضب لغضبه ويرضى لرضاه لم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا صخاما في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح وما دعاه أحد من أصحابه ولا من أهل بيته إلا قال لبيك بعثه الله بشيرا ونذيرا لا يقول الخنا وفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا وسدده بكل أمر جميل ووهب له كل خلق جليل وجعل السكينة لباسه والبر شعاره والتقوى ضميره والحكمة منطقه والصدق سجيته والوفاء طبيعته والعفو طبعه والمعروف خلقه والحق شريعته والعدل سيرته والهدى إمامه والإسلام ملته وأحمد اسمه فعرف الله به بعد النكره وكثر به بعد القلة وأغنى به بعد العيلة وجمع به بعد الفرقة واستنقذ به فئاما من الناس عظيما من الهلكة وجعل أمته خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر موحدين مؤمنين مخلصين مصدقين بما جاءت به الرسل وكان صلى الله عليه وسلم أشد الناس لطفا وما سأله سائل قط إلا أصغى إليه فلا ينصرف حتى ينصرف السائل ولا تناول أحد يده قط إلا ناوله إياها فلا ينزع حتى يكون الرجل هو الذي ينزعها منه وكان ينبسط مع الأهل وذوي القربى كريم العشرة حسن المعاملة مع أزواجه وسائر أهله يلاطفهن ويمازحهن ويعاملهن بالود والإحسان ويقول خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي صلى الله عليه وسلم وكان إذا كان في بيته في مهنة أهله فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة وربما استمع لحديث أزواجه بالملح تأنيسا لهن وملاطفة وكان صلى الله عليه وسلم أطلق الناس وجها وأكثرهم تبسما وأحسنهم بشرا يرد التحية بأحسن منها ويرحب بالقادم عليه ويسأل عن حال أصحابه ويكرم كرام القوم ويباسط جلساءه ويوسع لهم ويتبسم حين يلقى أصحابهم وحين يحدثهم وقد كان أكثر ضحكه التبسم ويقول لا تكثر من الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب وكان يكافئ الكرام بأفضل إكرام ويقبل الإحسان بأجمل إحسان يتفقد أصحابه ويحفظ الود ويحتفظ بالعهد ويصدق الوعد صلى الله عليه وسلم وكان عظيم التواضع يخدم نفسه ويردف وراءه ويردف وراءه ويمشي مع الأرمنة والمسكين والأمة ويكرم عباد الله المسلمين ويقول إن الله تعالى أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد واختار صلى الله عليه وسلم أن يكون نبيًا عبدا لا نبيًا ملكا وكان عظيم الحلم ومن تقم لنفسه من شيء قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله تعالى وكان أحسن الناس وأجودهم وأشجعهم ما سئل شيئا إلا أعطاه وكان يعطي عطاء من لا يخاف الفقر فما رؤي أشجع ولا أنجد ولا أجود ولا أرضى من رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أصحابه إذا ألمت بهم المرمات وأحاطت بهم المخاوف لاذوا بجنابه الرفيع واحتموا بحماه المنيع صلى الله عليه وسلم وكان أعدل خلق الله في حقوق العباد قواما بالقسط منتصرا للحق رحيما بالأهل والعيال والصبيان والأيتام وربما بكى لمرض بعض أصحابه أو موتهم يرحم الحيوان والطير صلى الله عليه وسلم وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين وكان عليه الصلاة والسلام أعظم الناس حياء لأنه أعظمهم إيمانا وكان أشد حياء من العذراء في خدرها لا يواجه أحدا بما يكرهه فكان حياؤه حياء محبة وإجلال وعبودية وحشمة عظيم المهابة توجه الله تاج الكرامة توجه الله تاج العزة والكرامة وكساه حلة الفخامة دائم الخشوع والانكسار والتواضع للعزيز الغفار في سائر مواقفه الكريمة ومشاهده العظيمة وصلواته وعبادته صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إنه إلا وحي يوحى علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الأعلى ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى ما كذب الفؤاد ما رآه أفتمارونه على ما يرى ولقد رآه نزلة أخرى عند صدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم الحمد لله الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا به وتوحيدا وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله اللهم صلِّ وسلِّم على نبينا محمد اللهم صلِّ على نبينا محمد وسلِّم تسليماً مزيداً يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً أيها المؤمنون إن الله قد بعث محمداً صلى الله عليه وسلم من خير قرون بني آدم قرناً فقرنا من نكاح لا سفاح فيه في نسب قومه فولد صلى الله عليه وسلم محفوفا بالكرامة الإلهية ومعنيا بالعناية الربانية إرهاصا لنبوته وتمهيدا لرسالته وإعلانا بعظيم مرتبته وأن له صلى الله عليه وسلم شأنا كبيرا فهو دعوة أبيه إبراهيم وبشارة أخيه عيسى ورؤيا أمه وكانت رأت حين وضعته نورا أضاءت له قصور الشام إشارة إلى ما يجيء به من ذلك النور الذي يهدي به العالم ويزيل به ظلمات الكفر كما قال الله عز وجل قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبول السلام ويخرجه منه ويحرمهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم فنور الله بذلك النور البصائر وأحيا به الضمائر وفتح الأعين العمياء والآذان الصماء فانصدع لنوره إيوان كسرى وخامدت نار فارس وغاضت بحيرة ساوة وظلل الله في ذلك العام كيد أصحاب الفيل عن بيته المعظم الذي سيكون مصلى رسوله صلى الله عليه وسلم ومحجه ومعجه فنشأ في إيواء الله تعالى وكلاءته وحفظه ورعايته ينبته نباتا حسنا لما يريد به من كرامته ورفعة مكانته بالنبوة والرسالة قال الله عز وجل والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلا وللآخرة خير لك من الأولى ولا سوف يعطيك ربك فترضى وكان صلى الله عليه وسلم كامل العقل ظاهر الفضل قبل بعثته صلى الله عليه وسلم ولما خطب أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها خطب فيهم أبو طالب عمه قائلا الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل وضئم عد وجعلنا حضنة بيته وسواس حرمه وجعل لنا بيتا محجوجا وحرما آمنا وجعلنا الحكام على الناس ثم إن ابن أخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن برجل إلا رجح به شرفا ونبلا وفضلا وعقلا فإن كان في المال قل فإن المال ظل زائل أو قال حائل وعالية مسترجعة ومحمد من عرفتم قرابته ثم بعثه الله على رأس الأربعين فدعا إلى الله وصبر وهاجر في الله وجاهد وصابر وظفر فدان بدين الله العباد وخضعت له أيها المؤمنون إن أجل مظهر ظهرت فيه الحقيقة الأحبية لرسول الله صلى الله عليه وسلم هو أصحابه رضي الله عنهم فقد كان صلى الله عليه وسلم أحب إليهم من أموالهم وأولادهم وأنفسهم ومن الماء البارد على الضمأ دلت على ذلك الوقائع وشهدت لهم الشواهد فلما قال أبو سفيان بن حرب وهو يومئذ مشرك لزيد رضي الله عنه وقد أسره المشركون وأرادوا قتله أتحب أن محمدا الآن عندنا مكانك تضرب عنقه وأنت في أهلك قال له زيد رضي الله عنه والله ما أحب أن محمدا في مكاني تصيبه شوكة وأنا جالس في أهلي فقال أبو سفيان رضي الله عنه ما رأيت أحدا من الناس يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا صلى الله عليه وسلم وقتل لمرأة من الأنصار أبوها وأخوها وزوجها شهداء يوم أحد مع رسول الله فلما أخبرت بذلك قالت ما فعل رسول الله قالوا خيرا هو بحمد الله كما تحبين فقالت أرونيه حتى أنظر إليه فلما رأته قالت كل مصيبة بعدك أي بعد سلامتك ورؤيتك جلل أي هينة حقيرة وأتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لأنت أحب إلي من أهلي ومالي وإني لأذكرك فما أصبر حتى أجيئ إليك أي فيطمئن قلبي وتقرعيني وإني ذكرت موتي وموتك فعرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين وإن دخلتها لا أراك وفي رواية أنه ذات يوم جاء وقد تغير لونه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما غير لونك فقال ما بي مرض ولا وجع غير أني إذا لم أرك استوحشت وحشة شديدة حتى أراك ثم ذكرت الآخرة فأخاف أن لا أراك فأنزل الله عز وجل ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما عباد الله ايتمروا بأمر الله عز وجل إذ قال إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما نبيك اللهم ربي وسعديك صلوا الشاهد البشير الداعي بإذنك السراج المنير وعليه السلام اللهم وعلى أزواجه وذريته وأهل بيته وأصهاره وأنصاره وأشياعه ومحبيه وأمته وعلينا معهم أجمعين يا أرحم الراحمين اللهم صلِّ عليه كما هو أهله وكما تحب وترضاه له وأعطه الوسيلة والفضيلة والشرف والدرجة العالية الرفيعة اللهم كما آمنا به ولم نره فلا تحرمنا في الجنان رؤيته وارزقنا صحبته وتوفنا على ملته وتقبل فينا شفاعته الكبرى وارفع درجته العليا وآته سؤله في الآخرة والأولى واسقنا من حوضه مشربا رويا سائغا هنيئا لا نضمأ بعده أبدا إنك على كل شيء قدير اللهم واجعلنا ممن لزم ملته وعظم حرمته وأعز كلمته وحفظ عهده وذمته ونصر حزبه ودعوته وكثر تابعيه وفرقته ووافى زمرته ولم يخالف سبيله وسنته اللهم اجعلنا ممن تمسك بغرزه ونعوذ بك اللهم من المخالفة لأمره ولانحراف عما جاء به اللهم إنا نسألك من خير ما سألك منه ونعوذ بك من شر ما استعاذك منه عبدك ورسولك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم اللهم اعصمنا من شر الفتن وعافنا من جميع المحن وأصلح منا ما ظهر وما بطن ونق قلوبنا من الحقد والحسد ولا تجعل علينا تباعة لأحد اللهم إنا نسألك العدل في الغضب والرضا والتسليم لما يجري به القضاء والاقتصاد في الفقر والغنى والتواضع في القول والفعل والصدق في الجد والهزل وأغننا بفضلك إنك واسع المغفرة اللهم نور بالعلم قلوبنا واستعمل بطاعتك أبداننا وخلص من الفتن أسرارنا واشغل بالاعتبار أفكارنا وقنا شر وساوس الشيطان وأجرنا منه يا رحمن حتى لا يكون له علينا سلطان واجعلنا منك في عياذ منيع وحرز حصين من جميع خلقك حتى تبلغنا أجلنا في لطفٍ منك وعفوٍ وعافيةٍ ومعافاةٍ يا رب العالمين اللهم وفق إمامنا لهداك واجعل عمله في رضاك ولهم رشده وانصره به الحق وأهله واجعله ردءا للإسلام وأهله اللهم وولي عهده وإخوانه وأعوانه على الحق وجميع ولاة المسلمين يا رب العالمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين واذل الشرك والمشركين واجعل بلدنا آمنا مطمئنا سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين عباد الله اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا هو الذي يصلي عليكم وملائكته لكم ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا عظيما يا أيها النبي إن أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار