الحمد لله الحمد لله الذي جعل ذكره ميسورا وأجزل للذاكرين الثواب فجعل جزاءهم موفورا وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه أرسلَه الله للناس بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إليه بإذنه وسراجًا منيرًا صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان وأعدَّ لهم أجرًا كبيرًا أما بعد فأُوصِيكُمْ أيُّها الناسُ ونفسِي بتقوى الله فإنها هي العُدَّةُ الوافِيَةُ والجُنَّةُ الكافِيَةُ فاتقُوا ربَّكُمْ في السِّرِّ والعَلَانِيَةُ واستعينُوا على ذلك بذِكرِ الملك العظيم فإن ذِكرَه يُورِثُ النَّعِيمَ المُقِيمُ وينجِي من العذابِ الأليم معاشر المؤمنين إن ذكر الله تعالى هو أزكى الأعمال وخير الخصال وأحبُّها إلى الله ذي الجلال ولقد تضافرت نصوص الوحيين واستفادت في بيان فضل الذكر وما يترتب عليه من عظيم الثواب والأجر وما أُعدَّ لأهله من العواقب الحميدة والدرجات الرفيعة في الدنيا وفي الآخرة قال سبحانه وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا وقد روى الترمذي وغيره عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِندَ مَلِيكِكُمْ وأرفعها في درجاتكم وخيرٍ لكم من إنفاق الذهب والورق وخيرٍ لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم قالوا بلى قال ذكر الله تعالى عباد الله إن ذكر الله تعالى يرضي الرحمن ويزيد الإيمان ويطلُد الشيطان ويجتثُّ الهموم والأحزان ويملأ النفس بالسرور والرضوان فيحيى القلب من مواته ويحول بين الإنسان وبين فواته ويفيق من سباته فيكون سبباً لنشاط البدن وقوته ونضارة الوجه وهيبته والذكر يا عباد الله يوصل الذاكر إلى المذكور حتى يُصبح الذاكرُ مذكورًا قال جلَّ ذِكْرُه فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُونِي وَلَا تَكْفُرُونَ ولو لم يكن في فضل الذكر إلا هذا لكفَى به فضلًا وشرفًا قال ابن القيم رحمه الله والذكرُ من أُعطِيه اتَّصَل ومن منِعه عُزِل أيها المؤمنون إن ذكرَ الله أكبرُ من كل شيء فهو أفضل الطاعات قال جل ذكره أتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر وقد أمرنا ربنا جل وعلا بالإكثار من ذكره فقال يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا وعلَّقَ اللهُ الفلاحَ باستِدامة الذكر وكثرته فقال وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ومدحَ من لا يشغَلُهُ شيءٌ عن ذكره فقال عزَّ من قائل رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار ولقد توعد الله بالخسران من غفل عن ذكره ولها فقال تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تلهِكم أموالكم لا تلهِكم أموالكم ولا أولادُكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولائك هم الخاسرون واعلموا يا عباد الله أن العبادات لم تُشرَع إلا لإقامة ذكر الله قال جل وعلا وأقِم الصلاة لذكري وقال صلى الله عليه وسلم إنما جُعِل رمي الجمار والسعي بين الصفام والو... إنما جُعل رميُّ الجِمار والسعيُّ بين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله قال الترمذي وهذا حديثٌ حسنٌ صحيح وجعل الله الذكر خاتمَةً للأعمال الصالحة فخَتَم به الصلاة عامَّة فقال فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبكم وخَتَم به صلاةَ الجُمُعة خاصَّة فقال فإذا قُضِيت الصلاة فانتشِروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرًا لعلكم تُفلِحون وخَتَمَ به الصِّيامَ فقال ولتُكْمِلُوا العِدَّة ولتُكَبِّرُوا الله على ما هداكم ولعلكم تَشْكُرُون وخَتَمَ به الحج فقال تعالى فإذا قضيتُم مناسِكَكم فاذكروا الله كذكرِكم آباءَكم أو أشدَّ ذِكْرًا ومن كان آخرُ كلامِه لا إله إلا الله دخلَ الجنَّة كما ثبتَ ذلك علي المُصطفى صلى الله عليه وسلم عباد الله بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما سمعتم وأستغفر الله العلي العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم الحمدُ لله مُستوجِب الحمد والعبادة، والمُسبِغ على أهل طاعته إمدادة، والمُمتنِّ على المؤمنين بالحُسنى وزيادة، والصلاةُ والسلامُ على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتَّبعَ رشادَه، أما بعد أيها المؤمنون للذكر فوائد كثيرة عظيمة ومنافع جليلة جسيمة يعجز العقل عن إدراك نعمائها وينقطع النظر دون أفق سمائها ويضيق المقام عن إحصائها والإحاطة بها أو استقصائها فالذكر جالب للنعم المفقودة وحافظ للنعم الموجودة فمن منافع الذكر وفوائده أنه يورث القلب حياة فهو له كالقوت ومن هجره فهو المخذول الممقوت فإذا فقد العبد ذكر الله صار بمنزلة الجسم الهامد أو الرماد الخامد وصار بناؤه كالخراب وإقباله على مرابه كالسراب فقد روى الشيخان عن أبي موسى رضي الله عنه قال قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مثلُ الذي يذكُرُ ربَّه والذي لا يذكُرُ ربَّه مثلُ الحيِّ والميِّد ومنها أنه يورِثُ الذاكرَ لإقتِراب وبدونه يشعُرُ بالوحشة والإغتِراب فعلى قدر ذكرِ الله فعلى قدر ذكرِ العبد لله يكونُ قُربُه من الله كما أن الذكرَ يورِثُ العبدَ المُراقبة لله حتى يبلُغ بذلك درجة الإحسان فيعبد الله كأنه يراه ومنها أن الذكرَ ضُمأنينةٌ للقلوب وصلةٌ وثيقةٌ بعلام الغُيوب ألا بذكر الله تطمئن القلوب ومنها أنه سببٌ لتنزُل السكينة وغشيان الرحمة وحضور الملائكة فمجالسُ الذكر مجالسُ الملائكة الكرام وما يَادِينُ بُلُوغِ المرام فقد روى مسلمٌ في صحيحه عن أبي هُريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يقعدُ قومٌ يذكُرون الله عز وجل إلا حفَّتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله في من يتقون ومنها أن الله يُباهي بالذاكرين ملائكته فقد أخرج مسلم في صحيحه عن معاوية رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على حلقةٍ من أصحابه فقال ما أجلسكم؟ قالوا جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدان للإسلام ومنَّ به علينا قال آه الله ما أجلسكم إلا ذاك قالوا والله ما أجلسنا إلا ذاك فقال أما إني لم أستحلفكم تهمةً لكم ولكنه أتاني جبريل فأخبرني أن الله عز وجل يُباهي بكم الملائكة ومن فوائد الذكر ومنافعه يا عباد الله أنه سببٌ لاشتغال اللسان عن الغيبة والنميمة والفُحش وسيِّئ الكلام فمن عُوَّد لسانه ذكر الله صان لسانه عن اللغو والآثام ومنها أن الذكر مُكفِّرٌ للذنوب والسيِّئات فقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قال سبحان الله وبحمده مئة مرة حُطَّت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر والأحاديث في هذا المعنى كثيرةٌ مُستفِيضة ومنها أن دوام ذكر الله يُوجِب السعادة للعبد في أوانه ومآله فلا يشقى في معاشه ولا في معاده قال الله تعالى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرًا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تُنسى ومنها أن ذكر الله في الخلوة مع انحدار الدمعة سببٌ ليكون العبد يوم القيامة في منازل الرفعة فيكون في ظل الله يوم القيامة من السبعة ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال سبعةٌ يُظِلُّهم الله في ظِلِّه يوم لا ظِلَّ إلا ظِلُّه وذكر منهم ورجلٌ ذكر الله خالياً ففاضَت عيناه فالكيِّسُ يا عباد الله من دان نفسه وعمِل لما بعد الموت والعاجِزُ من أتبع نفسه هواها وتمنَّى على الله الأمان عباد الله هذا وصلُّوا وسلِّموا على إمام الذاكرين وقدوة المُوحِّدين كما أمرَكم بذلك ربُّكم في كتابه المُبين فقال إن الله وملائكته يُصلُّون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلُّوا عليه وسلِّموا تسليما فاللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد وبارِك على محمدٍ وعلى آل محمد كما بارَكت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين اللهم أعِنَّا على ذِكرك، اللهم أعِنَّا على ذِكرك، اللهم أعِنَّا على ذِكرك، وعلى شُكرك وعلى حُسن عبادتك اللهم آتِ نفوسَنا تقواها، وزكِّها أنت خيرُ من زكَّاها، أنت وليُّها ومولاها اللهم أصلِح ذاتَ بيننا، وألِّف بين قلوبنا وأهدِنا سُبل السلام وأخرِجنا من الظلمات إلى النور وبارِك لنا في أسماعنا وأبصارنا وأزواجنا وذرياتنا واجعلنا مُباركين حيثما كنا وارحم اللهم موتانا وموتى المسلمين اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين واحمِ حوزة الدين واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءاً وسائر بلاد المسلمين اللهم آمنا في أوطاننا وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان واجزهم عنا وعن البلاد والعباد وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء اللهم وفِّق جميع أولاة أمور المسلمين لهُداك واجعل عملهم في رضاك اللهم احفظ وانصُ الرجال أمننا اللهم احفظ وانصُ الرجال أمننا وجنودنا على ثُغورنا وكلهم عوناً ونصيراً ومُؤيِّداً وظهيراً اللهم كل المُستضعفين في فلسطين وفي كل مكان اللهم كل المُستضعفين في فلسطين وفي كل مكان اللهم اجعل لهم من كل همٍ فرجًا ومن كل ضيقٍ مخرجًا ومن كل بلاءٍ عافية اللهم آتِنا في الدنيا حسنًا وفي الآخرة حسنًا وقِنا عذابَ النار عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتأيذ القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يَاعِظُوكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فاذكروا الله العلي العظيم الجليل الكريم فيذكركم ولذكروا الله أكبر والله يعلم ما تصنعون